قاعة الصلاة، الواجهة المقابلة لجدار القبلة
نص لابن أبي زرع:
"وفي مهل شعبان من سنة 723 هـ أمر أمير المسلمين (أبو سعيد) عثمان أيده الله ونصره ببناء المدرسة العظمى بإزاء جامع القرويين شرفه الله تعالى بذكره، فبنيت على يد الشيخ المبارك عبد الله بن قاسم المزوار، ووقف أمير المسلمين على تأسيسها ومعه الفقهاء والصلحاء حتى أسست وشرع في بنائها نفعه الله بذلك وأجزل ثوابه عليه، فجاءت آية في الدهر لم يبن مثلها ملك قبله، وأجرى بها ماء العين الغزير، ورتب فيها الفقهاء لتدريس العلم، وأسكنها بالطلبة، وقدم فيها إماما ومؤذنين وخدمة يقومون بأمرها، وأجرى على الكل منهم المرتبات والمؤون، واشترى الأملاك ووقفها عليها احتسابا لله تعالى ورجاء ثوابه
وقفية المدرسة:
(...) فهذا ما حبس وأمر بتخطيطه وإنشائه (...) مولانا أمير المسلمين المجاهد في سبيل رب العالمين (...) أبو سعيد، ابن سيدنا (...) أبي يوسف يعقوب ابن عبد الحق، جعلهم الله من أئمة المتقين برسم المدرسة التي أتم بناءها في عام خمسة وعشرين وسبعمائة (725) وهي المقابلة لسماط العطارين من فاس القرويين.
تنفتح مدرسة العطارين على شارع العدول في الجهة الشمالية الغربية لجامع القرويين، وهي ذات مقاييس متواضعة. تنتظم المدرسة حول فناء وسطي مستطيل مزين بحوض تحف به من الجوانب الكبرى أروقة طولية مدعمة بركيزتين تتعاقب مع أعمدة رخامية. تحتل قاعة الصلاة وقاعة الوضوء والأدراج وباب الساباط الجوانب الصغرى للفناء، بينما يحتوي الطابقان العلويان على حجرات مخصصة للطلبة. فتح على كل من الواجهات الجنوبية الغربية والشمالية الشرقية باب مركزي كبير : يربط باب السور الجنوبي الغربي المدرسة بالخارج بينما تؤدي الأخرى إلى قاعة الصلاة، وتمثل نفس التسلسل المعماري. ترتكز على ثلاثة عقود بواسطة طنف من خشب الأرز على ركائز مبنية وأعمدة من الرخام مؤطرة بعقود مقرنصة تحمل أطراف الواجهات. تذكرنا البنية العامة لهذه المدرسة بعناصرها الزخرفية بتلبيس أسوار القصر بأشبيلية (القرن 13-14م). وكما هو الحال بمدرسة الصهريج بفاس، رصعت الواجهات بفسيفساء من الزليج متوجة بأشرطة كتابية خزفية منقوشة تعلوها زخرفة من الجص في أجزائها السفلى وجبس وخشب في الأجزاء العليا. تتجاوز هذه الزخرفة كما هو الحال بمدرسة أبي الحسن، لتغطي الأروقة والواجهات. أما التيجان ذات الواجهات المنقوشة والمتعددة النحت، فهي تسجل ضمن التقليد الأندلسي المغربي للقرن 14م. فالجذع الأسطواني يصبح رقيقا في جزئه العلوي وينتهي بكعيبة محززة ويستعمل كقاعدة لتعرج أقنثة ملتوية، يعلوها متساوي الأضلاع. وبالواجهات الشمالية الغربية والجنوبية الشرقية، أثثت وجوه التيجان بزخرفة منقوشة تجمع ما بين العناصر النباتية والكتابية.
تنقسم قاعة الصلاة إلى فضائين غير متساويين بواسطة أقواس مدعمة بأعمدة ترتكز على سواري ضخمة. نجد على الجدار القبلي تنظيما ثلاثيا للواجهة، وتحيط بالكوة المركزية للمحراب كوتان كاذبتان تعلوهما عقود منكسرة متعددة الفصوص، وهي مفتوحة بواسطة عقد منكسركامل ينتهي من الجهتين بعمودين بارزين من الرخام الأبيض وفي الأعلى تشبيك هندسي ينطلق من نجمة مثمنة تجري على الواجهات الأربع لقاعة الصلاة. عززت أربعة أعمدة الركائز التي تحمل ثقل الجدار الشمالي الشرقي. وباستثناء بعض العناصر كالعمامة والسعيفات على شكل الأصابع، تذكر هذه التيجان بتلك الموجودة بسيدي مدين بتلمسان أو بأحد التيجان النادرة المحتفظ بها من المدرسة المرينية بشارع علي درار بتازة. ومع ذلك، فإنها تتميز بغياب حلزونية السعيفات الجانبية والمعالجة الجد فظة لتلك التي توجد في الجزء الأسفل من التركيب. كما يجب تسجيل أن هذه التيجان قد كانت مصدر إلهام بالنسبة لنحاتي مدرسة ابن يوسف بمراكش.
لقد خصصت الطوابق لحجرات الطلبة، مجموعة فضاءات مغلقة وغير متناسقة منتظمة في الجناح الجنوبي الشرقي حول فناء مستطيل مقسم بواسطة مجموعتين من الركائز التي تدعم السقف المبلط بأروقة تنفتح تحتها فتحات الحجرات المتعددة الفصوص التي تؤمن بهذه الطريقة الضوء والهواء.
توجد قاعة الوضوء بالزاوية الشمالية الغربية للمدرسة. يؤدي ممر عميق وغير منتظم إلى حجرة وإلى فناء مستطيل، نلج منه إلى ستة مقصورات. يشمل الجدار الجنوبي الغربي نافورة جدارية معززة بحوض، تذكرنا بتلك الموجودة بكل من مدرسة الصهريج و بفندق النجارين.
Aouni, L. M., Etude des inscriptions mérinides de Fâs, thèse de Doctorat nouveau régime, Aix-Marseille I, 1991.
Bel, A., « Inscriptions arabes de Fès », in Journal asiatique, IIe série, 1917-1919, t. IX, p. 303-329 ; t. X, p. 81-170, 215-267 ; t. XIII, p. 189-276, 337-399 ; t. XIV, p. 5-96 ; t. XV, p. 467-479.
Bel, A. « L'épigraphie dans la décoration des médersas mérinides de Fès », Actes du Congrès d'histoire de l'art, Paris, 1921, p. 294-309.
Cambazard-Amahan, C., Le décor sur bois dans l'architecture de Fès: époques almoravide, almohade et début mérinide, Paris : éditions du C.N.R.S., 1989.
Escher, A. ; Wirth, E., Die Medina Von Fes: Geographische Beiträge Zu Persistenz und Dynamik, Verfall und Erneuerung einer traditionnellen islamischen Stadt in handlungstheoretischer Sicht, Erlangen, 1992.
Ettahiri A. S., « Locaux d’enseignement au Maroc islamique : genèse et rôle de la medersa », in Revue Amal, Histoire, Culture et Société, n° 28-29, 2003, p. 38-58.
Ettahiri A. S., « L’esthétique musulmane au Maroc: Remarques sur l’art décoratif des medersas mérinides de Fès, in Bulletin d’Archéologie Marocaine, n° 20, 2004, p. 367-385.
Marçais, G., L'architecture musulmane d'Occident : Tunisie, Algérie, Maroc, Espagne et Sicile, Paris : Arts et Métiers graphiques, 1954.
Peritié, A., « Les médersas de Fès », in Archives Marocaines, 1918, p. 257-372.
Terrasse, C., Les médersas du Maroc, Paris : Albert Morancé, 1927.